على ترابك، نُقسم يا وطن

على ترابك، نُقسم يا وطن

 


مهندسة شهد القاضي


79 عامًا مرّت منذ أن خلع الأردن عن كتفيه عباءة التبعية، وارتدى ثوب السيادة شامخًا كجباله، نقيًا كهوائه، عزيزًا كما ولد ليكون.

في مثل هذا اليوم، لم تُعلن فقط نهاية الانتداب، بل بدأت حكاية وطن، وحكاية شعب، وحكاية عشقٍ لا تنتهي.


يا أردن...

كم مرةٍ تَسلّق الحالمون صخورك ليُطلّوا على الأفق ويقولوا: "ها هو المجد، يبدأ من هنا"؟

كم مرةٍ نثرتَ الكرامة في رئة السماء، فتنفّستها أرواحنا قبل أن نفتح أعيننا على الحياة؟

نحن لا نحيا فيك فقط، بل نحيا بك... نحيا لأجلك... نحيا من أجلك.

في عيد استقلالك التاسع والسبعين، لا نحتفل بالتاريخ فحسب، بل نُجدّد العهد...

نُجدّد الولاء للثرى الذي غُسِل بعرق الشرفاء، وارتوى بدماء من لم يخافوا إلا الله، حين وقفوا بين الحلم والخوف وقالوا: "ليكن الوطن".


أردنّي أنا... لا لأن جواز سفري يقول ذلك، بل لأن قلبي نُقش عليه خريطة هذا البلد.. لأنني حين أسمع "السلام الملكي"، أقف، لا بقدميّ فقط، بل بكياني، بروحي، بذكرياتي، بكل الأحلام التي خبأتها أمي في وسادة طفل صغير كانت تقول له: "هنا وُلدت، وهنا تموت، وهنا تُبعث يوم الحشر حراً".


نعم، الحرية...

كلمة تُكتب بصوت الحسين، وتُترجم بصبر عبد الله، وتُروى بتضحية الجُند، وتُزرع في كتب المدارس، وتحيا على ألسنة الشعراء، وتُغنّى على شفاه العاشقين، وتُردّدها الأمهات في صلواتهن قبل النوم.


يا عيد الاستقلال...

لستَ يوماً نحتفل فيه وننسى، بل أنتَ وصيّة، نُورثها كما نُورّث أسماءنا.. علّمتنا أن الوطن ليس خريطة على ورق، بل قلبٌ نابض، إذا انكسر، انكسرنا... وإذا اشتدّ، اشتدّت فينا الحياة.


وفي الذكرى التاسعة والسبعين، نسأل أنفسنا:

هل كنا على قدر الأمل؟ هل سِرنا كما أراد الآباء؟

ربما نُخطئ، وربما نضعف، لكننا أبدًا لا نخون.


يا أردن، نُحبك كما يُحب الطفلُ حضن أمه...

نُحبك في الشتاء، حين تُمطر سماؤك دفء الحكايات، وفي الصيف، حين تلسعنا شمسك بحنان الذاكرة.. نُحبك في ضيقنا، لأنك أنت الرجاء، ونُحبك في فرحنا، لأنك أنت السبب.


كل عام وأنت بخير يا وطني...

كل عام وأنت الحصن، والدفء، والنبض...

كل عام وأنت الأجمل، وإن اشتدت العتمة من حولنا، فأنت الضوء في نهاية النشيد.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

Recent in Technology