المهندسة شهد القاضي
المقاطعة ليست صرخة مؤقتة ولا موضة موسمية نرتديها وقت الحزن ونخلعها مع أول إعلان لامع أو خصم مغرٍ… المقاطعة هي امتحان للضمير، امتحان للإنسان فينا، قبل أن تكون موقفًا سياسيًا أو اقتصاديًا.
عندما نرفض أن نشتري منتجًا يملأ خزائنه من دم الأطفال… فنحن لا نخسر رفاهية، بل نربح إنسانيتنا.. وحين نختار المنتج الأردني، ليس فقط لأن "صنع في الأردن" محفوف بالعزة، بل لأن في كل دينار نصرفه هنا، نبني بيتًا في وطن، ونسند عاملًا، ونحيي مصنعًا… ونجفف نهرًا من المال كان يسقي آلة القتل هناك.
من قال إن دعم المنتج المحلي رفاهية؟ من أقنعنا أن الوطنية قرار مؤقت؟ من زيف وعينا حتى نصدق أن "الكفاءة" تُقاس بالإعلانات لا بالأخلاق؟
نعم، قد يكون المنتج الأردني أحيانًا أقل لمعانًا… لكنه أنظف يدًا، وأطهر روحًا.. قد لا يأتينا بغلاف ذهبي، لكنه يأتي بخلفية من كرامة وعرق وتعب وجهد إنسان يشبهنا… يعيش بيننا.
حين نقاطع، لا نعاقب الآخر فقط… بل نكافئ أنفسنا.. وحين ندعم صناعتنا، لا ندعم اقتصادًا فحسب، بل نزرع جذورًا لأجيال تعرف أن ما يُنتج بأيادٍ أردنية… أصدق وأنقى من كل ما يُصنّع على حساب كرامتنا.
افهموا… المقاطعة ليست عبئًا، بل نورُ بصيرة.. ودعم منتجاتنا ليس ترفًا، بل واجبٌ وطنيٌّ يخطّ سطور التاريخ.