أبو صعيليك: الحكومة مستمرة في مسارات التحديث بمزيد من العزم
سفير الاتحاد الأوروبي: المجتمع المدني شريك أساسي في إصلاح الإدارة العامة في الأردن
السفير الاسباني: إسبانيا تقف إلى جانب الأردن في تعزيز المساءلة المجتمعية والحوكمة الشاملة.
بني عامر: المجتمع المدني يجب أن يكون طرفًا فاعلًا في رسم السياسات العامة وصياغة الحلول.
تحت رعاية معالي وزير الدولة لتطوير القطاع العام الدكتور خير أبو صعيليك عقد مركز الحياة راصد المؤتمر الوطني " نحو شراكة استراتيجية مع المجتمع المدني في تطوير الإدارة العامة في الأردن (٢٠٢٦-٢٠٢٩)" والذي يأتي في إطار مشروع "نزاهة: دعم الاتحاد الأوروبي للمساءلة المجتمعية وتمكين المجتمع المدني من تحقيق الحوكمة الرشيدة"، والممول تمويل مشترك من قبل الإتحاد الأوروبي والوكالة الإسبانية للتعاون الدولي من أجل التنمية(AECID)، والمُنفذ من قبل مركز الحياة - راصد ومنظمة رشيد للشفافية الدولية.
وذلك بحضور سفير بعثة الاتحاد الأوروبي في عمان السيد بيير كريستوف تشاتزيسافاس والسفير الاسباني في عمان السيد ميغيل دي لوكاس عدد من النواب والأعيان، وممثلي الوزارات والمؤسسات الرسمية، وطيف واسع من ممثلي مؤسسات المجتمع المدني المحلية من كافة المحافظات، والمؤسسات الدولية، وعدد من النخب السياسية والحزبية والأكاديمية والنسائية والشبابية من مختلف القطاعات والمحافظات، حيث يأتي هذا اللقاء انسجامًا مع رؤية الدولة الأردنية في التحديث الشامل، المتمثل في تحديث المنظومات السياسية والاقتصادية والإدارية.
وقال أبو صعيليك خلال كلمة قدمها في افتتاح المؤتمر أن مفهوم الخدمة العامة تغير في ظل التحولات العالمية المتسارعة والمتطلبات المتزايدة للمواطنين، ولم تعد الحكومة تُقاس بحجم أجهزتها أو بعدد موظفيها أو ضخامة هيكلياتها، بل بقدرتها على التحول إلى منظومة متكاملة من الخدمات الذكية والمرنة، القائمة على العدالة، الكفاءة، والفعالية، والتي يلمس أثرها المواطن بشكل مباشر في تفاصيل حياته اليومية.
وأكد أنه لم يعد مقبولًا أن تبقى الإدارة العامة أسيرة النماذج التقليدية في إدارة الموارد والعمليات؛ بل أصبحت مطالبة بأن تتحول إلى منظومة حديثة، تقيس الأداء وفق الأثر، وتربط السياسات بالخدمة، وتضمن أن تكون كل خدمة مقدمة للمواطن مدعومة بثقافة مؤسسية راسخة.
وبيّن أبو صعيليك أن ترسيخ ثقافة الخدمة العامة ليس مجرد مسعى تنظيمي أو برنامج تدريبي، بل هو تحول عميق في القيم والمفاهيم التي تحكم علاقة الموظف العام بوظيفته ودوره ومسؤوليته أمام المواطن والدولة، وبناء هذه الثقافة لا يتم بالشعارات، بل عبر مسار مؤسسي متكامل يبدأ من إعداد وتأهيل الكوادر الإدارية بشكل علمي ومدروس، مرورًا بتنمية مهاراتهم الوظيفية والقيادية، وترسيخ القيم الأخلاقية والمهنية في وجدانهم وسلوكهم، وتعزيز الشعور بالانتماء لمؤسساتهم، وصولًا إلى الممارسة اليومية التي تنعكس في طبيعة تفاعل الموظف مع المواطن، وتشكّل الصورة الحقيقية للدولة أمام جمهورها.
من جانبه قال سفير الاتحاد الأوروبي السيد بيير كريستوف تشاتزيسافاس أنه معتاد في مثل هذه السياقات، أن يستمع العديد من السفراء —كما هي الممارسة الشائعة— ليقدمون نصائحهم وتوصياتهم، وقد أخبرني العديد منهم أن عملية التحديث الجارية ليست مجرّد إجراء روتيني، فالأردن شهد إصلاحات عديدة في الماضي، لكن هذه المرة مختلفة، وقد أشار بعضهم إلى أن من بين المسارات الثلاثة للتحديث، فإن تحديث الإدارة العامة يُعدّ الأكثر تحديًا، لقد مرّ عامان حتى الآن، ونحن بالفعل معجبون بالطريقة التي يواصل بها الأردن تنفيذ المسارات الثلاثة للتحديث بالتوازي، رغم كل التحديات.
من جانبه قال رئيس بعثة الإتحاد الأوروبي لدى الأردن السفير بيير كريستوف تشاتزيسافاس، أن إصلاح الإدارة العامة هو المسار الأكثر أهميةً لمشاركة المجتمع المدني بين مسارات التحديث الثلاثة. أوضح أن هذه المشاركة جوهرية؛ لأنها تبرهن — للدولة والمجتمع على حد سواء — أن المجتمع المدني ليس مجرد مقدم خدمات، بل شريكًا أساسيًا يجب أن يُسمع صوته، وأن تُضمن مشاركته الفاعلة.
واختتم السفير تشاتزيسافاس بالقول: "سنواصل الوقوف إلى جانب الحكومة الأردنية والمجتمع المدني الأردني، لضمان أن يمضي إصلاح الإدارة العامة جنبًا إلى جنب مع مساري التحديث السياسي والاقتصادي."
وأكد السفير الإسباني السيد ميغيل دي لوكاس أن بلاده تمتلك تقليدًا راسخًا وطويل الأمد في التعاون مع المجتمع المدني ودعمه باعتباره ركيزةً أساسية في ترسيخ سيادة القانون
وأوضح أن التزام إسبانيا بدعم نزاهة المجتمع المدني وشفافيته ومساءلته لا يقتصر على حدودها الوطنية، بل يشكل حجر الزاوية في سياسة التعاون الإنمائي الدولي الإسبانية.
وفي هذا الصدد، يأتي مشروع "نزاهة" ليعكس هذا الالتزام ويعززه، من خلال سعيه لتعزيز المساءلة الاجتماعية وتمكين المجتمع المدني، وإذكاء جسور التعاون بين الحكومة والمواطنين، لا سيما على المستوى المحلي في مختلف مناطق المملكة الأردنية.
كما أشار السفير دي لوكاس إلى أهمية وحداثة المواضيع التي ناقشتها الحوارات الوطنية ضمن المشروع، معتبرًا أنها تُبرز التقدم المحرز في تنفيذ "نزاهة"، إلى جانب مرونة المشروع وقدرته على التكيف، وإسهامه البارز في تعزيز الحوكمة والمساءلة، رغم التحديات والظروف غير المستقرة التي يشهدها القطاع والمنطقة عمومًا.
وأعرب عن ثقته بأن مخرجات هذه الحوارات ستحفز المزيد من التقدم نحو تعزيز المساءلة الاجتماعية والحوكمة الرشيدة، كما ستدعم تنفيذ الخطط والسياسات الاستراتيجية التي ستُشكّل مستقبل الأردن، سواء على صعيد التماسك الاجتماعي، أو التنمية الاقتصادية، أو إصلاح الحوكمة.
أن إسبانيا تملك إرثًا طويلًا في التعاون مع المجتمع المدني، ودعمه كركيزة أساسية في ترسيخ سيادة القانون، ويُعد التزامنا بدعم النزاهة والشفافية والمساءلة من صميم سياسات التعاون الدولي الإنمائي التي ننتهجها، ومن هذا المنطلق، يأتي مشروع "نزاهة" ليعكس هذا الالتزام ويعززه، من خلال السعي إلى تعزيز المساءلة المجتمعية وتمكين المجتمع المدني عبر سد الفجوة بين الحكومة والمواطنين، لا سيما على المستوى المحلي في مختلف مناطق المملكة.
وأكدّ السفير الاسباني على أهمية الموضوعات المطروحة وتوقيتها، حيث تُبرز هذه الحوارات التقدم المحرز في تنفيذ مشروع "نزاهة"، وتُظهر في الوقت ذاته مرونة المشروع وقدرته على التكيّف، فضلاً عن إسهاماته الجوهرية في دعم المساءلة وتعزيز الحوكمة، رغم التحديات والتقلبات التي تواجه هذا القطاع والمملكة والمنطقة بأسرها، وقال بأنه على ثقة بأن مخرجات هذه الحوارات ستسهم في إلهام ودفع عجلة التقدم نحو مزيد من المساءلة المجتمعية والحوكمة الرشيدة، وستدعم تنفيذ الخطط والسياسات الاستراتيجية التي تشكّل مستقبل الأردن، سواء على صعيد التماسك الاجتماعي، أو التنمية الاقتصادية، أو تطوير الحوكمة.
وقال الدكتور عامر بني عامر، مدير مركز الحياة – راصد، خلال كلمته أن المرحلة الحالية تمثل لحظة إصلاحية محورية في مسارات الدولة الأردنية الثلاثة: السياسي، والاقتصادي، والإداري، وأكد أن نجاح عملية تحديث القطاع العام يتطلب شراكة حقيقية ومؤسسية مع المجتمع المدني، تقوم على الشفافية، والعدالة، وتكامل الأدوار. وأشار إلى أن المجتمع المدني لم يعد مجرد مراقب أو ناقد، بل يجب أن يكون طرفًا فاعلًا في رسم السياسات العامة وصياغة الحلول، وتقييم الأداء، والمتابعة المستمرة، وأضاف بأن ما يحتاجه المواطن الأردني ليس فقط تحسين مستوى الخدمات، بل أن يشعر أن صوته مسموع، وأن السياسات تُبنى استنادًا إلى واقعه وتطلعاته، مؤكدًا أن استعادة الثقة بين المواطن والدولة لا تكون بالشعارات، بل من خلال الأثر الواقعي للتغيير، والاستجابة الشفافة، والمساءلة الحقيقية.
وتضمن المؤتمر جلستين نقاشيتين كانت الأولى حول رؤية تحديث القطاع العام ونظام الموارد البشرية، تحدث بها رئيس هيئة الخدمة والإدارة العامة المهندس فايز النهار وأدارتها الإعلامية شهد الطراونة، والجلسة النقاشية الثانية حول تحديث القطاع العام وأدوار المجتمع المدني، وشارك بها النائب الدكتور محمد الغويري والعين آسيا ياغي والدكتور موسى شتوي رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي، والأستاذ أسامة طلفاح مدير وحدة إدارة وتنفيذ برنامج تحديث القطاع العام، والأستاذ راغب شريم مدير مؤسسة فواصل، وأدارتها الأستاذة هديل غبون عضو مجلس نقابة الصحفيين سابقاً.