نظّمت جمعية معهد تضامن النساء الأردني سلسلة جلسات حوارية حول تحديث الإدارة المحلية والمحافظات، وذلك ضمن إطار مشروع "صوّت" الهادف إلى تفعيل دور المرأة والشباب في الحياة السياسية. وتأتي هذه الجلسات انسجامًا مع التعديلات التشريعية وتوصيات اللجنة الملكية لتحديث منظومة الحياة السياسية، خاصة في ما يتعلق بتعزيز مشاركة المرأة والشباب.
وأكد الدكتور علي الخوالدة، أمين عام وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية، في كلمته خلال إحدى الجلسات، أن المرأة الأردنية تُشكل نصف المجتمع، بل هي "في قلب كل المجتمع"، ولا يمكن تحقيق أي تقدم من دون مشاركتها الفاعلة. وبيّن أن الأمن يشكّل المدخل الأساسي للحفاظ على الحقوق، وأن غيابه يعني ضياع باقي الحقوق.
وأضاف أن الدولة الأردنية، التي تجاوز عمرها المئة عام، حقّقت تقدمًا ملحوظًا في مسار تمكين المرأة في الحياة العامة، من خلال مراجعة التشريعات والتعامل مع قضايا المرأة بمنهج شمولي. وأوضح أن التحديث السياسي أفضى إلى إقرار قوانين جديدة مثل قانوني الانتخاب والأحزاب، حيث يضمن قانون الانتخاب الحالي تمثيل النساء من خلال تصدّرهن القوائم العامة الثلاث الأولى.
من جانبها، أكدت نهى محريز، رئيسة الهيئة الإدارية في "تضامن"، أن مشاركة النساء في الحياة السياسية تُعد ركيزة أساسية في تنفيذ الخطط الوطنية والالتزامات الدولية التي صادق عليها الأردن، وتشكل عنصرًا محوريًا في عملية التحديث السياسي الشامل.
كما أوضحت أنعام عشا، المديرة التنفيذية للجمعية، أن "تضامن" التي تأسست عام 1998 تُعد من أبرز المؤسسات الوطنية العاملة في قضايا المرأة، وتمتلك شبكة واسعة من الشراكات الفاعلة. وأضافت أن تعزيز مشاركة المرأة والشباب في الحياة السياسية يُسهم في تحقيق التنمية المستدامة، ويعزز السلم المجتمعي، ويقود إلى تكامل في الأدوار والمسؤوليات.
في السياق ذاته، أشارت الدكتورة زهور غرايبة، مسؤولة مشروع "صوّت"، إلى أن الدولة الأردنية تمضي بخطى واضحة نحو تمكين النساء والشباب سياسيًا، وهو ما انعكس في التعديلات الدستورية وقانوني الانتخاب والأحزاب اللذين أُقرا في عام 2021. وأكدت أن هذا النهج يجب أن يستمر ويتعزز، لا سيما في ظل قرار الحكومة حلّ المجالس البلدية ومجالس المحافظات، ما يتطلب الأخذ بتوصيات اللجنة الملكية، خصوصًا تلك المتعلقة بتمكين المرأة والشباب وإشراكهم بفاعلية في مواقع صنع القرار.
بدورها، شددت النائب السابق أسـمى الرواحنة على أهمية توصيات اللجنة الملكية بشأن تعزيز مشاركة النساء والشباب، مشيرة إلى أن التعديلات على قانون الإدارة المحلية تصب في المصلحة العامة. كما أكدت أهمية مشاركة النساء في العمل العام ضمن الأطر الرسمية، مشيرة إلى أن وجود المرأة في المجالس المحلية يُحقق تميزًا في الأداء ويعكس أولويات المجتمع بشكل أكثر واقعية.
ولفتت الرواحنة إلى ضرورة تحديد وصف واضح لمهام عضو مجلس المحافظة، وتفعيل آليات لضمان تمثيل حقيقي ومتكامل، مع مراعاة تعيين أعضاء تكميليين عند الحاجة. كما شددت على ضرورة إشراك المجتمعات المحلية في تحديد أولويات المحافظات، وضمان أن تُبنى الميزانيات بالتعاون مع جميع الجهات المعنية وبما يلبّي الاحتياجات الفعلية، بعيدًا عن المصالح الضيقة.
واعتبرت الرواحنة أن هذه التوصيات تُعد خطوة مهمة نحو ترسيخ الحكم المحلي الفاعل وتحقيق تنمية شاملة، من خلال تمكين المجالس المنتخبة من اتخاذ قرارات تنموية مباشرة تُلامس احتياجات المواطنين، وتُخفّف من الأعباء الملقاة على عاتق الحكومة المركزية.
وفي ختام الورشة، أكدت الرواحنة على أهمية إحداث تغيير ثقافي في طريقة اختيار المشاريع التنموية، داعية إلى تعزيز مبدأ الشراكة الفاعلة بين المجالس المحلية والقطاعين العام والخاص، بما ينعكس إيجابًا على جودة الخدمات، ويُحقق نهضة حقيقية في المجتمعات المحلية.
هذا وناقشت الورشة عددًا من التوصيات التشريعية المقترحة لتحديث الإدارة المحلية، من أبرزها: توسيع صلاحيات المجالس، وضمان تمثيل النساء والشباب وذوي الإعاقة، وتعزيز الشفافية والمساءلة، وتحسين نوعية الخدمات، بما يسهم في تحقيق العدالة في توزيع مكتسبات التنمية، وتفعيل الدور التنموي للمحافظات.